شروط وضوابط دراسة الإعجاز العلمي

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا في الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أََنَّهُ الحَقٌّ ﴾


شروط وضوابط دراسة الإعجاز العلمي في القرآن الكريم

         قبل الدخول في الإعجاز العلمي للقرآن الكريم في مجال الأرصاد الجوية وتتم دراسة الإعجاز العلمي في القرآن الكريم دراسة علمية مقبولة، لابد من توفر شروط وضوابط في هذه الدراسة وفي من يقوم بها، وهي كالآتي:

 أولا: لا ينبغي أن يدخل في هذا المجال كاتبا كان أو متحدثا إلا إذا بلغ من العلوم القرآنية والعلوم اللغوية وعلوم السنة والعلوم البشرية بفروعها المختلفة درجة علمية أو مستوى مقبولا يؤهله للبحث والحديث في هذا المجال.
 ثانيا: لا يحيط بعلم الله تعالى سوى الله، وكل ما يستطيعه أي عالم كان – مهما بلغ علمه – هو فهم البعض القليل مما في آيات الله، قال تعالى:﴿ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلا بِمَا شَاءَ ﴾، ولا ينبغي لأي باحث أن يعتبر أن فهمه للنص القرآني صحيحا كل الصحة، فقد يصح وقد لا يصح، ويكفيه أن يكون اجتهاده مدروسا ومبنيا على منهج علمي سليم لفهم بعض المعاني في الآية القرآنية، وليس لجميع المعاني، لأن جميع المعاني لا يحيط بها إلا الله.
 ثالثا: لا تجوز محاولة إخضاع النص القرآني – وما أعظم شأنه – للحقائق العلمية التي توصل إليها الإنسان، وما أقل شأنها.  كما لا ينبغي التوفيق بين ما في القرآن من علم بلا حدود وبين ما لدى الإنسان من علم قليل ومحدود.  وأُذكِّر بقول نبي الله الخضر عليه السلام لكليم الله موسى عليه السلام: "ما علمي وعلمك يا موسى من علم الله إلا كما أخذ هذا العصفور من ماء البحر"،وقول الله تعالى:﴿ وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ العِلْمِ إِلا قَلِيلاً ﴾.
 رابعا: يجب أن يكون للفهم العلمي لبعض أوجه الحقيقة في النص القرآني حدودا يقف عندها الباحث ولا يتعداها.  وأحرى بأي عالم – مهما بلغ من العلم – وهو يحاول فهم معنى آية قرآنية أن يسكت فيما لا علم له به، لأن الوحي الإلهي في القرآن كما نزل ليخاطب العصور القديمة والعصر الحاضر فإنه نزل أيضا ليخاطب العصور المستقبلية، فقد لا نكون نحن على مستوى فهم الخطاب القرآني للعصور المستقبلية حتى يوم القيامة.
 خامسا: لا يصح عند تناول آية قرآنية كريمة ترتبط بآية أخرى قبلها أو بعدها أن ننتزع من الآية كلمتين أو أكثر، ونحاول أن نبين الإعجاز العلمي فيها، ونتغاضى عن باقي كلمات الآية، أو الآية المرتبطة بها.
 سادسا: لا يجب أن يُفسر أي نص قرآني بفرض علمي أو بنظرية علمية، فهذه الفروض والنظريات ظنية، والظنون تصيب تارة وتخطيء تارة أخرى، وإلا فإن الباحث يحمل القرآن الكريم ظنون العلماء البشر وأخطاءهم المحتملة.  لأن أي تفسير تأسس على خطأ علمي لا يمكن أن يكون صائبا.  ويجب للتفسير أن يتأسس على حقائق علمية ثابتة، وفي احتراس وأدب، وحذر وتعمق في الدراسة، مع اتباع المنهج العلمي الصحيح.  وحتى بعد ذلك كله ينبغي ألا نعتبر أي تفسير علمي نصل إليه لنص قرآني تفسيرا علميا حتميا دائما، ولكن نضع دوما في الحسبان احتمال خطأ الباحث في الفهم والتفسير.
 سابعا: إن الحقائق العلمية في مختلف فروع العلم ذكرت في القرآن الكريم على سبيل الذكر تارة، وعلى سبيل المجاز تارة أخرى، ويجب أن يفسر اللفظ في النص على ظاهره ما لم يكن هناك قرينة تدل على المجاز، أو كان يستعصي فهم المعنى على ظاهر اللفظ.  ومخالفة هذه القاعدة وعدم الانتباه لها يؤدي إلى كثير من الأخطاء في الفهم والتفسير.
 ثامنا: يجب أن يضع الباحث في الإعجاز العلمي أن خير ما يفسر القرآن الكريم هو القرآن الكريم نفسه، ثم السنة النبوية المشرفة.
 تاسعا: في كلمات القرآن أعماق علمية لا يصل إلى فهم ملامحها فهما صحيحا إلا فريق متكامل من العلماء والمتخصصين، ولن يصل العلماء إلى كل ما في النص من علم، لأن في كلمة واحدة من كلمات الله تعالى من العلم ما يفوق علوم الناس جميعا في مختلف فروع العلم، والله سبحانه وتعالى وعد بأن يبين للناس من الآيات الكونية ما يشاء أن يبينه لهم ويعطيهم شيئا من العلم فيها، قال تعالى:﴿ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْءَانَهُ  ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ﴾، وقال تعالى:﴿ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا في الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الحَقُّ ﴾.
 عاشرا: القرآن كتاب هداية وليس كتاب علوم، قال تعالى:﴿ إِنَّ هَذَا القُرْآنَ يَهْدِي للَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ﴾، وهذه الهداية جاءت بأساليب متعددة، فجاءت بأساليب البيان، وجاءت بمخاطبة الفطرة، وجاءت بالحجة والبرهان، وجاءت بذكر مصير الأقوام السابقة على مختلف اهتمامات البشر، ومنهم من همه العلم فجاء القرآن يخاطبهم. 



آخر تحديث
10/29/2008 4:42:45 PM